فصل: باب: قَوْلِهِ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَبَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَوْاْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (172)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض الباري شرح صحيح البخاري ***


باب‏:‏ ‏{‏أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالنَ بَشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ‏}‏ ‏(‏187‏)‏

4508- قوله‏:‏ ‏(‏لا يَقْرَبُونَ النِّساءَ رَمَضَانَ كُلَّه‏)‏ وفي الروايةِ الأخرى أنهم كانوا ممنوعين من القِرْبان، وغيرِه بعد النوم‏.‏ ومفهومُه أنه كان جائزاً قبله، وراجع «الهامش»‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الابْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الاسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَكِفُونَ فِي الْمَسَجِدِ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏يَتَّقُونَ‏}‏ ‏(‏187‏)‏

‏{‏الْعَكِفُ‏}‏ ‏(‏الحج‏:‏ 25‏)‏‏:‏ المُقِيمُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوبِهَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏}‏ ‏(‏189‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَقَتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ للَّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْونَ إِلاَّ عَلَى الظَّلِمِينَ لله‏}‏ ‏(‏193‏)‏

وعند الطحاوي ما يدلُّ على أَنَّه كان يُعْمل به في زمان، ثُم نُسِخ‏.‏ وأما عَدِيّ فعمل به بعد النَّسْخ أيضاً، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم ما قال، وزعمه بَعْضُهم أنه كان حَمْلاً منه على غَيْر مَحْمله، ولم يَشْرَع به أَصْلاً‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ‏}‏‏)‏ أي لا تَقع فِتْنةٌ‏.‏

4514- قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني فلانٌ،‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، وقد وقع مِثْلُه في البخاري في مَوْضعين، أو ثلاثة‏:‏ أنَّ المصنِّف أَبْهم الراوي الضَّعيفَ، ولم يذكُرْه باسمه، كما ترى ههنا، فإِنَّ فلان هو ابنُ لَهِيعة، إلاَّ أَنَّه لا يذكرُه إلاَّ بالعطف، لينجَبِرَ ضَعْفُه من راوٍ آخَر قويّ، كما في هذا الإِسناد‏.‏ ولكن لقائِلِ أن يقول‏:‏ إنَّ المتنَ إذا كان بعده واحِداً، فما الدليلُ على أنَّه مِن لَفْظ القويِّ دون الضعيف‏؟‏ وقد أجبت عنه في رسالتي «فَصْل الخطاب»‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ ‏(‏195‏)‏

التَّهْلُكَةُ وَالهَلاَكُ وَاحِدٌ‏.‏

حَمَله الناسُ على تَرْك الجهاد، مع أَنَّه نزل في الأَنْصار الذين أرادوا أن يَتْركوا الجِهادَ لما رأوا أنَّ الإِسلامَ قد أَعزَّه اللَّهُ، فمالوا إلى إصلاحِ زُروعِهم، وأموالهم، كما عند الترمذي مُفَصَّلاً‏.‏

4516- قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ نَزَلت في النَّفقةِ‏)‏ أي ‏{‏تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ‏}‏ بأنْ لا تنفقوا في الجهاد، أَو تتركوه، فإِنه أيضاً هَلَكة‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ‏}‏ ‏(‏196‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجّ‏}‏ ‏(‏196‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ‏}‏ ‏(‏198‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ قَعَدْتُ إلى كَعْب بن عُجْرَة في هذا المسجد يعني مَسْجِد الكُوفة‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، وقد ذكرت في رسالتي «نَيْل الفَرْقَدين» أنَّ كَعْب بن عُجْرة هذا الذي كان قاعِداً في مَسْجد الكُوفة يُفتي النَّاس ويَسْتَفْتونَه، يَرْوي تَرْك الرَّفْع، وأَرَدْت به شُهرتَه، والتنوِيهَ بِذِكْره‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ‏}‏ ‏(‏199‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ ءاتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الاْخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ‏}‏ ‏(‏201‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ‏}‏ ‏(‏204‏)‏

وَقالَ عَطَاءٌ‏:‏ النَّسْلُ‏:‏ الحَيَوَانُ‏.‏

وَقالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفيَانُ‏:‏ حَدَّثَني ابْنُ جُرَيجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكَةَ، عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم

أخرج فيه روايةَ ابن عباس موقوفاً، ولم يُخرّجها في الحَجِّ، وفيها أشياءُ تخالِف مذهبَ الحنفيةِ، كالمُفْرِد إنْ لم يجد هَدْياً، فعليه الصَّوْم‏.‏

4521- قوله‏:‏ ‏(‏مَنْ تيسَّر لَهُ هَدِيَّةٌ‏)‏ سواء كان مُفْرِداً، أو قَارِناً، أو مُتَمَتِّعاً‏.‏

4521- قوله‏:‏ ‏(‏حتى يَقِفَ بِعَرَفاتٍ مِنْ صلاةِ العَصْر‏)‏ يعني أَنَّه إذا صَلَّى الظُّهر، ثُم صَلَّى العَصْر في وَقْتٍ، ثُم وَقف، فَقَد صَدق أنه وَقَف من صلاةِ العَصْر، فإِنها بَعْد الظُّهْر، وهي بعد الزوال، وهو وَقْتُ الوقوف بِعَرفةَ‏.‏ فليس المرادُ وَقْتَ العَصْر في سائر الأيام، بل ما هو في هذا اليوم خاصَّةً، وليس وَقْتُه اليوم إلاَّ وَقْتَ الظُّهر بعد الزَّوال‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآء وَالضَّرَّآء‏}‏ إِلَى‏:‏ ‏{‏قَرِيبٌ‏}‏ ‏(‏214‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ‏}‏ ‏(‏سورة يوسف‏:‏ 110‏)‏‏)‏ فيه قراءتان‏:‏ مُخَفَّفة، ومُثَقَّلة، وترجمةُ الأُولى‏:‏ اون بيغمبرون سى جهونت بولا كيا، وترجمةُ الثانية‏:‏ وه تكذيب كئى كئى، ولا إشْكالَ في القراءةِ الثانيةِ، لأنَّ الرُّسُلَ لما استبطأ عنهم النَّصْر ظَنُّوا أنَّ أُممهم تُكذِّبُهم‏.‏ أما الكافرون فظاهِرٌ، وأما المؤمنون، فلا يُؤمن عليهم أيضاً أن يَنْقلِبوا على أعقابهم، نظراً إلى تَخلُّف النَّصْر‏.‏ ثُم إنَّ تَوْجِيهَ القراءةِ المُثقَّلة على مُخْتارِ عائشةَ بأنَّ الرُّسُلَ خَافُوا أن يُكذِّب الكُفَّارُ المؤمنينَ‏.‏ فَظَنُّ التكذيبِ في حَقِّ المؤمنين، أما الأنبياءُ عليهم السلام، فكان الكفار قد كَذَّبوهم، فلا معنى للظنِّ في حَقِّهم‏.‏

هذا في المُثقَّلة، أما المُخَفّفة ففيها إشكالٌ، فإنَّ الرُّسُل كانوا على عِلْم منهم أنَّ ما أخبرَ به رَبُّهم كائنٌ لا محالة، ولا يتأتَّى في حَقِّهم ظَنُّ التكذيب‏.‏

قلتُ‏:‏ ومَنْ ظَنَّ أن التشويشَ لا يَجْتمع مع العِلْم، فقد رَكَّب مُقدّمةً باطلة‏.‏ فإِنَّ العِلم قد يطرأ عليه التشويشُ أيضاً بالنَّظَر إلى العوارض، كالتجاذب بين الأَسبابِ العارِضة، ومَنْ لا يُحِيط بالغيبِ قد يَعْرِضُ له نَحْوُ هذا التشويش، لأنه وإنْ كان يَثِقُ بالوَعْد، لكنه لما لم تأته تفاصيلُه بعد، لا تزالُ الاحتمالاتُ تشوِّشُ قَلْبه، فتلك من لوازمِ البشريَّة‏.‏ فكأنَّ الرُّسُل لما استبطأ عنهم النَّصْر عَرَاهم من ضَعْف بُنْيتهم ما يَعْرُو للخائف عند ذلك، وحاشاهم أن يَعْزُوا التكذيبَ إلى الوَحْي، ولكنَّ تَرَقُّبهم النَّصْرَ، واستعجالَهم بإِيفاء الوَعْد، واضطرابهم إلى إنجازِه، نَزَل مَنْزلةَ التكذيب، تَلَقِّياً للمخاطَب، بما لا يَتَرَقَّب، فكأنَّ اللَّهَ تعالى عظم اضطرابَهم، وجَعَله كالتكذيبِ في حَقِّهم‏.‏ وهذا كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ‏}‏ ‏(‏الأَنبياء‏:‏ 87‏)‏ وما أَقْرَب الظنَّان، فهل ترى يُونُس عليه الصلاة والسلام يَتقدَّم إلى مِثْل هذا الظنِّ‏؟‏ فهذه ونَحْوُها، ودونَها، وفَوْقَها معاتباتٌ ومناقشاتٌ، تجري مع الأنبياءِ عليهم السلام، وخواصِّ عبادِه، وذلك لغايةِ لُطْفه بهم، وقُرْبهم منه، ومن باب التهويل‏:‏ ‏{‏وَعَصَى ءادَمُ رَبَّهُ‏}‏ ‏(‏طه‏:‏ 121‏)‏‏.‏

ثُم إنَّ ههنا سِرَّاً، وهو أن تلك كلمةٌ صدرت من غايةِ لُطْفه، ونهايةِ محبَّته، وفَرْط عَلاقَتِه مع الرُّسُل، فإِنَّ الإِلزامَ لا يُعْطَى إلاَّ لِمَنْ يُرْجى منه خِلافُه، أما مَنْ لا اعتمادَ لك عليه، فأَنْت لا تُلْقي له بالاً، ولا تُعَنِّفه، ولا تَلُومُه، ولا تعاتِبُه بشيءٍ، ولكنْ مَنْ كان صاحِبَ سِرِّك، وصاحِبَ نَجْواك في جهرك وسِرِّك، فأنت لا تغفر له أدنى غَفْلةٍ عنك، وتؤاخِذُه بالنَّقِير والقِطْمِير‏.‏ ولو كانت تلك الكلمةُ صَدَرت من البَشَر، لقلت‏:‏ إنَّه يُظْهِرُ مَلاَلَه، ويَبُثُّ قَلَقَه من حبيبه، ويلزمه أنك اضطربت، واستبطأت نَصْري، كأنك زعمت أنني كذبتك، وكنت أَرْجُو منك أن لا يَظْهَر عليك شيءٌ من ذلك، ولو بَلَغتِ القلوبُ الحناجِرَ، أو بلغت الحُلْقُوم، ولكن المَلاَل والحُزْن مما لا يناسِبُ عَزْوه إلى الله تعالى، فلا أقول‏:‏ إنه أَظْهَر مَلاَله، بل أقول‏:‏ إنَّ فيه إظهاراً بِلُطْفه بهم، واستنكاراً لاستبطائهم النَّصْر، وإلزاماً بكونه غيرَ متوقَّع منهم‏.‏ ثُم إنَّ الله تعالى قد احتاط في ذلك بكلِّ ما أمكن، ولذا ألف الفاعل، ولم يَعْزُ ظَنَّ تكذِيبهم إلى نفسه، وإنْ أراده، ولكن طريقَ البيانِ في نحوه ليس إلاَّ البِناء للمَفْعُول، وقال صاحِب المَثْنَوي‏:‏

إين قراءت خوان كه تخفيف كذب *** اين بودكه خويش داند محتجب

فالظَّنُّ حينئذٍ بمعنى الحُكْم على اللَّهِ بما وَقَع في نَفْسه‏.‏

ثُمَّ إنَّ الزَّمخشَريّ أَخَذ الظنَّ بمعنى الوَسْوَسة، تنزيهاً لجانب ابن عَبَّاس، فإِنَّه كيف يتحمَّل الظنَّ به في حقِّ الرُّسُل‏؟‏ قلتُ‏:‏ الظنُّ لم يَثْبت في اللغةِ بمعنى الوسوسة، بل يقال للجَانِب الراجح، وكنت مُتردِّداً في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ الْحَقّ شَيْئاً‏}‏ ‏(‏النَّجم‏:‏ 28‏)‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً‏}‏ ‏(‏الجاثية‏:‏ 32‏)‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنّ‏}‏ ‏(‏النِّساء‏:‏ 157‏)‏، وكذلك أَجِدُ القرآنَ يَذُمُّ الظنَّ في غيرِ واحدٍ من المواضع، مع أنَّ عُلُومَ المقلِّدِين كلَّها من هذا القَبِيل، حتى رأيتُ في بَعْض تصانيفِ ابنِ تيميةَ‏:‏ أنَّ الظنَّ يُطْلَقُ على المرجوحِ أيضاً‏.‏

4524- قوله‏:‏ ‏(‏ذَهَب بها هناك‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، يعني حَمْلَها على قوله تعالى‏:‏ ‏{‏حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ‏}‏

باب‏:‏ ‏{‏نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدّمُواْ لاِنفُسِكُمْ‏}‏ الآية ‏(‏223‏)‏

رَوَاهُ محمَّدُ بْنُ يَحْيى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النّسَآء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوجَهُنَّ‏}‏ ‏(‏232‏)‏

وَقالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ‏:‏ حَدَّثَني مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ‏:‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ‏:‏ أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَخَطَبَهَا، فَأَبى مَعْقِلٌ، فَنَزَلَتْ‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوجَهُنَّ‏}‏‏.‏

وصَرَّح الرَّضِي، مع كونه شِيعيّاً أن حَرْف «أَنَّى» في القرآن ليس بمعنى أين، بل بمعنى‏:‏ مِنْ أين‏.‏ فهي لتعميمِ الحال، مُستَقْبلاً، أو مُستدبِراً، مع كونِ الصِّمَاخِ واحداً، لا لتعميمِ المكان، والعياذ بالله‏.‏

ثُم إنَّ الرَّضِي لا أَدْري ماذا حالُه في المسائل، غيرَ أَنَّه كُلَّما يُسمِّي الإِمام أبا حنيفةَ، أو الإِمامَ الشافعيَّ يُسمِّيها بالعزِّ والاحترام، وهذا الذي يَرِيبُني في كونِه شِيعيّاً، فيمكنُ أن يكونَ تفضلياً، فإِنَّ احترامَ الأئمةِ ممنْ يكونُ شيعياً يكادُ أن يكون مُحالاً‏.‏

‏(‏حكم إِتيان المرأة في دُبرها‏)‏

4527- قوله‏:‏ ‏(‏يَأْتِيها في‏)‏ وإنما حَذَف المصنِّف المجرور، وهو «دُبُرُها»، لأنَّ فيه إشْكالاً، وظاهرُه أنَّ ابنَ عمرَ كان يذهَبُ إلى جوازِ الإِتيان في أدبارِ النِّساء، والعياذ بالله، وحاشاه أن يَذْهَب إلى مِثْل هذه الفاحشةِ، التي تَدَعُ الدِّيارَ بَلاَقِع‏.‏ وقد تكلَّم عليه الطحاوي، وأخرج عن ابن عمرَ أنه سُئل عن التَّحْمِيض، فقال‏:‏ «أو يَفْعَلُه مُسْلم» وأراد السائل من التَّحْميض الإِتيان في الدُّبُر، فمن ظَنَّ أنه كان يرى جوازَه، فقد تكلَّم بعظيم‏.‏ وقد صَرَّح ابنُ القَيِّم في «زاد المعاد» أَنَّ كُلَّ مَنْ نسب إليه جوازَ تلك الفاحشةِ من السَّلف، فمرادُه الإِتيانُ في القُبُل من جهةِ الدُّبر، دون الإِتيانِ في نَفْس الدُّبر‏.‏ فنقله القَاصِرُون، ولم يُدْرِكُوا الفَرْقَ بينهما، فجعلوهما واحِداً، فقالوا‏:‏ في الدُّبر، مكان‏:‏ من جهةِ الدُّبُر‏.‏ ثُم إنِّي أَدَّعِي أن المؤلِّفَ إذا رأى لَفْظاً مُشْكَلاً يَحْذِفه، كما فعل ههنا، وقد فعل نَحْوَه في بعض مواضِعَ أُخْرى أيضاً‏.‏

4526- قوله‏:‏ ‏(‏فَأَخَذْتُ عليه يَوْماً‏)‏ يعني أَمْسَكْتُ القرآنَ بيدي‏.‏ كما يُمْسَكُ عِنْد العَرْض، فيقول نافِعٌ‏:‏ إنَّ ابنَ عُمرَ كان يقرأُ القرآنَ، وكُنْت آخُذُ عليه يوماً، أي أُمْسِكُه بيدي‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ‏}‏ ‏(‏234‏)‏

‏{‏يَعْفُونَ‏}‏ ‏(‏237‏)‏‏:‏ يَهَبْنَ‏.‏

وَقالَ عَطَاءٌ‏:‏ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ نَسَخَتْ هذهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَتَعْتدُّ حَيثُ شَاءَتْ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏غَيْرَ إِخْرَاجٍ‏}‏‏.‏ قالَ عَطَاءٌ‏:‏ إِنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ وَسَكَنَتْ في وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ‏}‏‏.‏ قالَ عَطَاءٌ‏:‏ ثُمَّ جاءَ المِيرَاثُ، فَنَسَخَ السُّكْنى، فَتَعْتَدُّ حَيثُ شَاءَتْ، وَلاَ سُكْنى لَهَا‏.‏

وَعَنْ محمَّدِ بْنِ يُوسُفَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ‏:‏ بِهذا‏.‏

وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ نَسَخَتْ هذهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا في أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيثُ شَاءَتْ، لِقَوْلِ اللَّهِ‏:‏ ‏{‏غَيْرَ إِخْرَاجٍ‏}‏‏.‏ نَحْوَهُ‏.‏

وَقالَ أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ‏:‏ لَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مالِكَ بْنَ عامِرٍ‏.‏

4530- قوله‏:‏ ‏(‏قال ابنُ الزُّبَيْر‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وحاصِلُ سؤاله أنَّ هذه الآيةَ لما كانت منسوخةً، فلم نَسَخْتُموها في المُصْحف‏؟‏ ومُحصَّل الجواب أنَّ كَوْنَها منسوخةَ الحُكْمِ، لا يُوجِب كَوْنَها منسوخَةَ التلاوةِ أيضاً‏.‏

‏(‏بيان أَن ترتيب القرآن توقيفي‏)‏

واعلم أن الترتيبَ الموجودَ عندنا في القرآنِ، كان بأَمْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وهو على ترتيبِ ما في اللوح المحفوظ‏.‏ أما ترتيبُ النُّزول فغيرُ ذلك، فإِنّه كان يَنْزِل نَجْماً نَجْما على حسب الحوائجِ، والناسِخُ كان متأخِّراً في ترتيب النُّزولِ قَطْعاً‏.‏ أما في الترتيبِ الموجودِ الآن، فهو أيضاً كذلك، إلاَّ في هذه الآيةِ، فإِنَّ العِدَّة فيها بأربعةِ أَشْهر وعَشْراً، وفي الآية ‏{‏مَّتَعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ‏}‏ العِدَّة بالحَوْل‏.‏ قال الجمهورُ‏:‏ إنَّ المتوفَّى عنها زَوْجُها كانت تَعْتدُّ بالحَوْل، ثُم نسخها اللَّهُ تعالى بأربعةِ أَشْهر وعَشْراً، مع أنَّ الناسِخَ ههنا مُقَدَّم، والمَنْسوخَ متأَخِّر، وهذا مُشْكِل، فإِنَّهم قالوا‏:‏ إنَّه ثَبَت بالاستقراءِ أنَّ الناسِخ في القرآن متأخِّرٌ عن المنسوخِ، فلو سَلَّمنا أن استقراءهم تامُّ، وَرَدت عليهم هاتان الآيتانِ‏.‏ أقول‏:‏ وقد مَرَّ معنا أنه ما من آيةٍ إلاَّ وهي مُحْكَمةٌ في بَعْضِ جُزْئياتِا، وهذا الذي يقولُه الراوي، أن هاتين الآيتين مُحْكَمتانِ‏.‏

وحاصِلُه‏:‏ أَنَّه نزل أَوّلاً‏:‏ أنْ يُوصِي الزَّوْجُ أقرباءه أن لا يُخرِجوا زوجَتَه من بيتِه إلى سَنة، ثُم نزلت الآيةُ الأُخرى، وأُمِرتْ بِتَربُّصِ أربعةِ أَشْهُر وعَشْراً، وتحتمت العِدةُ، لا يُزادُ عليها ولا يُنْقص منها‏.‏ أما الأشهرُ الستةُ الباقية، فهي محيَّرةٌ فيها، إنْ شاءت سكنت في هذا البيت، وإنْ شاءت خرجت؛ ثُم إن اختارت أن تَمْكُث في البيت حتى تتمَّ حَوْلاً كامِلاً، يقال للوَرَثة‏:‏ أنْ لا يُخْرجُوها إلى مُدَّتها‏.‏ ومُحصَّله أن التربُّصَ بأربعةِ أَشْهر وعَشْراً مُتَحَتِّم، وواجِبٌ من جهة الشَّرْع‏.‏ والباقي سنةٌ موسَّعة، فكلتا الآيتين عند هؤلاء السَّلف محكمتان‏.‏

هذا كلامٌ في العِدّة، أما في السُّكْنى ففيه أيضاً خِلافٌ‏:‏ فقال الحنفيةُ‏:‏ لا سُكْنى لها، ولها الإِرْثُ ولكنها تعتدُّ في البيت، وعليها أُجْرَتُه، أما المُطلّقة فلها السُّكْنى مُطْلقاً، وكانت السُّكْنى لازمةً إلى تلك القضيةِ، ثُم نَسَخَتْها آيةُ التوارِث‏.‏

‏(‏معنى الإِحداد وأحكامه‏)‏

ثُم إنَّ الإِحدادَ واجِبٌ للمتوفَّى عنها زَوْجُها، وللمُطَلَّقة كِلْتَيْهِما، وهو عبارةٌ عَنْ تَرْك الزينةِ، والمَنْع من الخروج من بيت العِدَّة، فبيتُ العِدَّة لازِمٌ في عِدَّةِ الوفاة أيضاً، لكن مِن جهةِ الإِحداد، لا مِن جِهة لُزوم السُّكْنى، ولذا تجب أُجْرَتُه عليها، لا على الزَّوْج المتوفَّى‏.‏ ولا يخفى عليك أنَّ أَمْرَ السُّكْنى أخفُّ عند ابن عباس، فإِنْ خرجت منها بِعُذْر يسير يَسَعُ لها، بخلافِه عِنْدنا، فإِنَّها حَقٌّ لاَزِم، فلا يجوزُ لها الخُروجُ إلاَّ بالأعذار المُدَوَّنةِ في الفِقه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن مُجاهِد‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ وهؤلاء أيضاً، إلاَّ أنَّ عِدَّة الحَوْل نزلت بعد آيةِ التربُّصِ، وهي مُستحقّةٌ، خلافاً للجمهور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وسَكَنَتْ في وَصِيَّتها‏)‏ أي الوصية التي أوصى لها زَوْجُها في حَقِّها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏غَيْرَ إخْرَاج‏)‏، أي لا يُخْرِجها وَرَثَةُ الزَّوْج، فإِنْ خَرَجت هي بِنَفْسها، فذلك أمْرٌ آخَرُ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابنُ عباس‏)‏ وكان كلامُه رضي اللَّهُ تعالى عنه يَحْتَمِلُ أن يُحْمل على أنَّ الخِفَّةَ عنده راجِعةٌ إلى ما زاد على أربعةِ أَشْهُرٍ وعَشْراً، لكن ظهَر بعد الإِمْعان في كلامه أنَّ نَفْس السُّكْنى عنده ليس بلازمٍ، فلها الخروجُ بأَعْذَار يسيرةٍ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولا سُكْنى لها‏)‏ كما هو عندنا‏.‏

4532- قوله‏:‏ ‏(‏فذكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ الله بنِ عُتْبةَ‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، وهو ابنُ أَخ لِعَبْد اللَّهِ بنِ مَسْعود‏.‏ وقِصَّتُه أنَّ تلك المرأةَ كانت حاملةً عند وفاةِ زَوْجِها، فلما وَضَعتْ حَكَم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بانقضاءِ عِدَّتِها، ولم يَأْمُرْها أن تتربَّصَ أبْعَدَ الأَجَلَيْن‏.‏ وراجع له «التوضيح» و«التلويح»‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏حَفِظُواْ عَلَى الصَّلَوتِ والصَّلَوةِ الْوُسْطَى‏}‏ ‏(‏238‏)‏

والصلاةُ الوُسْطى هي صلاةُ العَصْر، عند أبي حنيفة‏.‏ وهي صلاةٌ عُرِضت على الأُمم السابقةِ، فضيَّعُوها، فأُمِرْنا بحفاظتها، ولنا الأَجْرُ مَرَّتَيْن، كما عند مُسْلم‏.‏ وقال الشافعيُّ‏:‏ إنَّها الفَجْر‏.‏ ولعلَّه نَظَر إلى عَجُز الآيةِ ‏{‏وقُوموا قَانِتين‏}‏، وعنده القنوتُ في الفَجْر، فتناسبت الجملتانِ على مَذْهبه‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَقُومُواْ لِلَّهِ قَنِتِينَ‏}‏ ‏(‏238‏)‏‏:‏ أَي مُطِيعِين

وقد ذَكَر الجصَّاص في القُنوت كلاماً أَحْسَنَ من الكُلِّ‏.‏ فراجعه‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ لله‏}‏ ‏(‏239‏)‏

وَقالَ ابْنُ جُبَيرٍ‏:‏ ‏{‏كُرْسِيُّهُ‏}‏ ‏(‏255‏)‏ عِلمُهُ‏.‏ يُقَالُ‏:‏ ‏{‏بَسْطَةً‏}‏ ‏(‏247‏)‏ زِيَادَةً وَفَضْلاً‏.‏ ‏{‏أَفْرِغْ‏}‏ ‏(‏250‏)‏ أَنْزِل‏.‏ ‏{‏وَلاَ يَؤُودُهُ‏}‏ ‏(‏255‏)‏ لاَ يُثْقِلُهُ، آدَنِي‏:‏ أَثْقَلَنِي، وَالآدُ وَالأَيدُ‏:‏ القُوَّةُ‏.‏ السِّنَةُ‏:‏ نُعَاسٌ‏.‏ ‏{‏يَتَسَنَّهْ‏}‏ ‏(‏259‏)‏ يَتَغَيَّرْ‏.‏ ‏{‏فَبُهِتَ‏}‏ ‏(‏258‏)‏ ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ‏.‏ ‏{‏خَاوِيَةٌ‏}‏ ‏(‏259‏)‏ لاَ أَنِيسَ فِيهَا‏.‏ ‏{‏عُرُوشِهَا‏}‏ أَبْنِيَتُهَا‏.‏ السِّنَةُ نُعَاسٌ‏.‏ ‏{‏نُنْشِرُهَا‏}‏ ‏(‏259‏)‏ نُخْرِجُهَا‏.‏ ‏{‏إِعْصَارٌ‏}‏ ‏(‏266‏)‏ ريحٌ عاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ‏.‏ وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏صَلْدًا‏}‏ ‏(‏264‏)‏ لَيسَ عَلَيهِ شَيءٌ‏.‏ وَقالَ عِكْرِمَةُ‏:‏ ‏{‏وَابِلٌ‏}‏ ‏(‏264- 265‏)‏ مَطَرٌ شَدِيدٌ‏.‏ الطَّلُّ النَّدَى، وهذا مَثَلُ عَمَلِ المُؤْمِن‏.‏ ‏{‏يَتَسَنَّهْ‏}‏ ‏(‏259‏)‏ يَتَغَيَّرْ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوجًا‏}‏ ‏(‏240‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏كُرْسِيُّهُ‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 255‏)‏ عِلْمُهُ‏)‏ وهذا مخالِفٌ للقَوْل المشهور، والمشهورُ أنَّ الكُرْسيَّ جِسْمُ تحت العَرْش‏.‏

4535- قوله‏:‏ ‏(‏صَلُّوا رِجالاً قِياماً على أَقْدَامِهِم‏)‏ وهذا هو مذهبُ الحنفيةِ، ولا صلاةَ عندهم ماشياً، وفَسَّر الشافعيةُ قولَه‏:‏ «رجالا» بماشِياً‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ إِبْرهِيمُ رَبّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتَى‏}‏ ‏(‏260‏)‏

فصُرْهُنَّ‏:‏ قَطِّعْهُنَّ‏.‏

سأل عن كيفيةِ الإِحياء دونَ نَفْس الإِحياء‏.‏ والذي يجِب الإيِمانُ به هو نفسُ الإِحياءِ، أما كيفيتُه فخارِجُ عن الإِيمان، كما أَنَّه يجِب علينا أن نُؤمن بالحَشْر والقيامةِ، أما بكيفيتِها فلا‏.‏

4537- ‏(‏‏{‏نَحْنُ أَحَقُّ بالشَّكِّ‏}‏‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ قال العلماءُ‏:‏ معناه أنه لم يَشُكُّ، ولكنه سألَ عن كيفيةِ الإِحياءِ، ونحنُ أَحْرَصُ عليها منه، ولو كان شَكَّ لكَّنا أَحَقَّ به منه أيضاً‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَرُ لَهُ فِيهَا مِن كُلّ الثَّمَرتِ‏}‏ ‏(‏266‏)‏

‏{‏فَصُرْهُنَّ‏}‏ ‏(‏260‏)‏‏:‏ قَطِّعْهُنَّ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏لاَ يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا‏}‏ ‏(‏273‏)‏

يَقَالُ‏:‏ أَلحَفَ عَلَيَّ، وَأَلَحَّ عَلَيَّ، وَأَحْفَانِي بِالمَسْأَلَةِ‏.‏ ‏{‏فَيُحْفِكُمْ‏}‏ ‏(‏محمد‏:‏ 37‏)‏ يُجْهِدْكُمْ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرّبَواْ‏}‏ ‏(‏275‏)‏

المَسُّ‏:‏ الجُنُونُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏يَمْحَقُ اللَّهُ الْرّبَواْ‏}‏ ‏(‏276‏)‏ يُذْهِبُه

باب‏:‏ ‏{‏فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ ‏(‏279‏)‏‏:‏ فَاعْلَمُوا

4538- قوله‏:‏ ‏(‏قال عمرُ‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ سأل ابن عباس عن غَرَضِه ما هو‏؟‏‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏(‏280‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ‏}‏ ‏(‏281‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآء وَيُعَذّبُ مَن يَشَآء وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ‏}‏ ‏(‏284‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏ءامَنَ الرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ‏}‏ ‏(‏285‏)‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏إِصْرًا‏}‏ ‏(‏286‏)‏ عَهْداً‏.‏ وَيُقَالُ‏:‏ ‏{‏غُفْرَانَكَ‏}‏ ‏(‏285‏)‏ مَغْفِرَتَكَ‏.‏ ‏{‏فَاغْفِرْ لَنَا‏}‏ ‏(‏286‏)‏‏.‏

علَّم القرآنُ أن يُمْهِل البائعُ المشتري إن كان مُعْسِراً، ولم يُعَلِّمه أن يأخذَ بكلِّ ما ظَفِر به من مالِ المُشْتري‏.‏ ولذا حَمَلْتُ حديثَ الإِفلاس على الدِّيانة دون القضاءِ، وقد مرَّ تقريره‏.‏

4546- قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ نَسَخَتْها الآيةُ التي بَعْدَها‏)‏ قد عَلِمت الاختلافَ في معنى النَّسخ، وأنَّ النَّسْخَ عند السَّلف أعمُّ‏.‏ وقد أطلق النَّسْخُ ههنا على الإِجمال، وأَنْكَرْت النَّسخ رأساً، فإِنَّه ليست آيةٌ تكونُ مُحْكَمةَ التلاوةِ، ثُمَّ تَخْلُو عن فائدة ما‏.‏

سورة آل عمران

تُقَاةً وَتَقِيَّةً وَاحِدَةٌ‏.‏ ‏{‏صِرٌّ‏}‏ ‏(‏117‏)‏ بَرْدٌ‏.‏ ‏{‏شَفَا حُفْرَةٍ‏}‏ ‏(‏103‏)‏ مِثْلُ شَفَا الرَّكِيَّةِ، وَهُوَ حَرْفُهَا‏.‏ ‏{‏تُبَوِّىءُ‏}‏ ‏(‏121‏)‏ تَتَّخذُ مُعَسْكَراً‏.‏ المُسَوَّمُ‏:‏ الَّذِي لَهُ سِيمَاءٌ بِعَلاَمَةٍ أَوْ بِصُوفَةٍ أَوْ بِمَا كانَ‏.‏ ‏{‏رِبّيُّونَ‏}‏ ‏(‏146‏)‏ الجَمِيعُ وَالوَاحِدُ رِبِّيٌّ‏.‏ ‏{‏تَحُسُّونَهُمْ‏}‏ ‏(‏152‏)‏ تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلاً‏.‏ ‏{‏غُزَّاً‏}‏ ‏(‏156‏)‏ وَاحِدُهَا غازٍ‏.‏ ‏{‏سَنَكْتُبُ‏}‏ ‏(‏181‏)‏ سَنَحْفَظُ‏.‏ ‏{‏نُزُلاً‏}‏ ‏(‏198‏)‏ ثَوَاباً، وَيَجُوزُ‏:‏ وَمُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، كَقَوْلِكَ‏:‏ أَنْزَلتُهُ‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ‏}‏ ‏(‏14‏)‏ المُطَهَّمَةُ الحِسَانُ‏.‏

وَقالَ ابْنُ جُبَيرٍ‏:‏ ‏{‏وَحَصُورًا‏}‏ ‏(‏39‏)‏ لاَ يَأْتِي النِّسَاءَ‏.‏

وَقالَ عكْرِمَةُ‏:‏ ‏{‏مّن فَوْرِهِمْ‏}‏ ‏(‏125‏)‏ مِنْ غَضَبِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ‏.‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ ‏{‏يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيّتِ‏}‏ ‏(‏الأنعام‏:‏ 106‏)‏ النُّطْفَةُ تَخْرُجُ مَيِّتَةً، وَيُخْرِجُ مِنْهَا الحَيَّ‏.‏ ‏{‏وَالإبْكَرِ‏}‏ ‏(‏41‏)‏ أَوَّلُ الفَجْرِ، وَالعَشِيُّ‏:‏ مَيلُ الشَّمْسِ- أُرَاهُ- إِلَى أَنْ تَغْرُبَ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏مِنْهُ آيَتٌ مُّحْكَمَتٌ‏}‏ ‏(‏7‏)‏

وَقالَ مُجَاهِدٌ‏:‏ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ‏.‏ ‏{‏وَأُخَرُ مُتَشَبِهَتٌ‏}‏ ‏(‏7‏)‏ يُصَدِّق بَعْضُهُ بَعْضاً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَسِقِينَ‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 26‏)‏‏.‏ وَكقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ‏:‏ ‏{‏وَيَجْعَلُ الرّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ‏}‏ ‏(‏يونس‏:‏ 100‏)‏، وَكَقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى‏}‏ ‏(‏محمد‏:‏ 17‏)‏‏.‏ ‏{‏زَيْغٌ‏}‏ شَكٌّ‏.‏ ‏{‏ابْتِغَآء الْفِتْنَةِ‏}‏ المُشْتَبِهَاتِ‏.‏ ‏{‏وَالرسِخُونَ‏}‏ يَعْلَمُونَ ‏{‏يَقُولُونَ ءامَنَّا بِهِ‏}‏ ‏(‏7‏)‏‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وِإِنّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَنِ الرَّجِيمِ‏}‏ ‏(‏36‏)‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏وَأُخَرُ مُتَشَبِهَتٌ‏}‏ يُصَدِّق بَعْضُه بَعْضاً‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، وللتَّشَابُه عِنْد السَّلَف تفسيران‏:‏ والمشهور منهما ما يحتاج في فهم معناه إلى غَوْرٍ وفَحْص، فإِنْ أُدْرك فذاك، وإلاَّ يُفوَّضُ عِلْمه إلى الله تعالى؛ والثاني‏:‏ الآياتُ التي تُصَدِّقُ باعتبارِ معانيها آياتٍ أُخْرى، ومنه ‏{‏كتاباً مُتَشابهاً تَقْشعرُّ منه جلودُ الذين آمنوا‏}‏ ‏(‏الزُّمر‏:‏ 23‏)‏‏.‏ والقرآنُ باعتبار المعنى الأول بَعْضُه مُحْكَم، وبعضُه مُتَشابِه، وباعتبارِ المعنى الثاني كلُّه مُتَشابِه، أي مُصدِّقٌ بَعْضُه لبعض، ولذا وصفه اللَّهُ تعالى به في قوله‏:‏ ‏{‏كِتَباً مُّتَشَبِهاً‏}‏ فثبت الإِطلاقان مِن القرآن، فإن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏منه آياتٌ مُحْكماتٌ وأُخَرُ متشابهاتٌ‏}‏ على الإِطلاق، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كِتَباً مُّتَشَبِهاً‏}‏ على الثاني‏.‏ وإنَّما حَمَلنا الآيةَ الأُولى على الإِطلاقِ الأَوَّل، لكون المتشابهاتِ فيها قِسِيماً للمُحْكمات‏.‏

ثُم إنَّ البُخاري أَخَذ المُتَشابِه في الترجمةِ بالمعنى غيرِ المشهورِ، وأخرج الحديثَ للمعنى الأَوَّل المشهورِ، أي مُبْهم المراد، ومَنْ لا يدري المعنيين يَقْلَق فيه‏.‏ وإنَّما فَسَّر مجاهدٌ قوله‏:‏ ‏{‏وَأُخَرُ مُتَشَبِهَتٌ‏}‏ بكونه مُصَدِّقاً بَعْضُه لبعض، لأنه ليس عنده في القرآن شيءٌ يكون مُبْهمَ المرادِ، فَجَمَلَه على معنى التصديقِ‏.‏ وهذا التفسيرُ ليس بمختارٍ عند الجمهور، وكذا تفسيرُه للمُحْكمات بالحلال والحرام‏.‏ فالمُحْكم ما أُحْكم مرادُه، والمتشابِه ما أُبْهم مرادُه، ولعلَّ المصنِّفَ أخرج تفسيرَ مجاهد في الترجمةِ إشارةً إلى الخلاف فيه، وإلاَّ فالمختارُ عنده أيضاً هو المعنى المشهورُ‏.‏ والدليل عليه أنه أخرج الحديث للجمهورِ، ولو كان المختارُ عنده تفسيرَ مجاهد، لما أخرج الحديثَ الذي يؤيدُ الجمهور، بل أخرج ما يوافِقُ مجاهداً‏.‏

ثُم إنَّ الخلافَ في تأويل المتشابِه بين الحنفيةِ والشافعيةِ مشهورٌ، ولا يرجعُ إلى كثيرٍ طائل‏.‏ فإِنَّ المُثْبِت أراد الظنَّ، والنافي أراد اليقين‏.‏ وتكلَّم عليه ابنُ تيمية في سورة الفاتحةِ، وحَقَّق أنه ليس في القرآن شيءٌ لا نعلم مرادَه أصلاً، نعم لا نَحْكُم بكونِه مراداً عند الله تعالى أيضاً‏.‏ قلتُ‏:‏ وذلك في القرآن كلِّه، ولا يختصُّ بالمتشابِه فقط‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا أُوْلَئِكَ لاَ خَلَقَ‏}‏ لاَ خَيرَ ‏{‏لَهُمْ في الآخِرَةِ ولهم عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏ ‏(‏77‏)‏ مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ، مِنَ الأَلَمِ، وَهُوَ في مَوْضِعِ مُفعِل

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏أَلِيمٌ‏}‏‏)‏ مؤلمٌ، موجِعٌ، من الأَلَم‏.‏ وفَسَّره السُّيوطي بالبناء للمفعول، مُؤْلَم، وهو الأرجح، لأنه ألغُ‏.‏ وتَرْجَمه الشاه عبد القادر‏:‏ دردناك لا درد رسان، ثم لينظرَ في أنَّ ترجمته‏:‏ دردناك على تخريج السُّيوطي أَخْذُ الفَعِيل بمعنى المفعول، أو على تخريجِ الفاعل في‏:‏ اللاَّبِن، والتَّامِر، أي ذو لَبَنٍ، وذو تَمْر‏.‏ وحينئذٍ الأَليم معناه ذو أَلَم، وترجمته أيضاً تكون‏:‏ دردناك‏.‏

4549، 4550- قوله‏:‏ ‏(‏بَيِّنَتُك، أو يَمينُهُ‏)‏ واستدلَّ منه الحنفيةُ على أن سبيلَ الفَصْل هو ذاك، وليس هناك شِقٌّ ثالثٌ، وقد قَرَّرْناه مِن قِبل، ووافَقَنا الإِمامُ البخاريُّ أيضاً على ذلك، وهو ظاهرُ القرآن، فإِنَّه قال‏:‏ ‏{‏فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ‏}‏فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ‏(‏البقرة‏:‏ 282‏)‏ ولم يتعرَّض إلى اليمينِ مع الشاهد‏.‏

4552- قوله‏:‏ ‏(‏قال ابنُ عباس‏:‏ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم اليمينُ على المدَّعَى عليه‏)‏ وقد رواه البيهقيُّ والنوويُّ تامّاً، هكذا‏:‏ «البينةُ للمدَّعِي، واليمينُ على المدَّعَى عليه»‏.‏ وادَّعى الحنفيةُ أن فيه قَصْراً‏.‏ وحَرَّر السُّيوطي أنَّ تعريفَ الطرفين يفيدُ القَصْر‏.‏ وثبت عندي بالاستقراء أنَّ لام الجِنْس إذا كانت في طَرَفٍ وحَرْف، يُعيَّنُ القَصْر في طرفٍ آخَر‏.‏ فهذا التركيبُ أيضاً يفيدُ القَصْر‏.‏

وحروفُ القَصْرِ عندي هذه‏:‏ الباء، واللام ومِن، وإلى، وفي، وعن، وعلى، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏الْحُرُّ بِالْحُرّ‏}‏، وكقولهم‏:‏ والأَمْرُ من اللَّهِ، والأَمْرُ إلى اللَّهِ، والكَرَم في العرب، والرَّمْي عن القوس، واليمينُ على المدَّعَى عليه، والحمد ‏.‏/

فهذه سبعةُ حروفٍ، مع أمثلتها، وقد مرَّ عن الزَّمخشري أن قوله‏:‏ الحمدُ مُفِيدٌ للقَصْر، وأن اللام فيه للجِنْس دون الاستغراق، وهو الصواب عندي، نعم الاستغراقُ يَلْزمُه‏.‏ فإِنَّه إذا ثبت انحصارُ جِنْس الحمد تعالى، لَزِم الاستغراقُ لا محالةَ، فإِنَّ فرداً من أفراد الحمدِ لو تحقق في غيره تعالى، ثبت جِنْسُه في غيره تعالى، فيبطل الحَصْرُ، وإذا لم يَثْبُت فردٌ منه لغيرِه تعالى، فقد ثبت جميعُ إفرادِه له تعالى، وذلك هو المعنى من الاستغراق، والاستغراق عنده يكونُ في العموم الأُصولي‏.‏ أي صيغ الجَمْع، أما المِفردُ فأنَّى يجيء فيه ذلك‏؟‏ نعم إنْ ثبت، فَمِن أَجْل اختصاص الطبيعة، أي طبيعة الجِنْس، فذلك أَمْرٌ آخَرُ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الكَذِب‏)‏ جهونت، والكذب مَصْدَر‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏قُل يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَينَنَا وَبَينَكُمْأَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ‏}‏ ‏(‏64‏)‏، سَوَاءٍ‏:‏ قَصْد

قالَ الزُّهْرِيُّ‏:‏ فَدَعا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ، فَجَمَعَهُمْ في دَارٍ لَهُ، فَقَالَ‏:‏ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَل لَكُمْ في الفَلاَحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلكُكُمْ‏؟‏ قالَ‏:‏ فَحَاصُوا حَيصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَقَالَ‏:‏ عَلَيَّ بِهِمْ، فَدَعا بِهِمْ فَقَالَ‏:‏ إِنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ، وَرَضُوا عَنْهُ‏.‏

4553- قوله‏:‏ ‏(‏فإِذا فِيه‏:‏ بِسْم اللَّهِ الرَّحْمن الرَّحِيم‏)‏ وعند ابنِ أبي شَيْبة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يَكْتُب في أَوَّل أَمْره‏:‏ باسمك اللهم، ثم بِسْم الله، ولما نزلت سورةُ النَّمل جعل يَكْتُب‏:‏ «بسم الله الرحمن الرحيم»‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ‏}‏ إِلَى‏:‏ ‏{‏بِهِ عَلِيمٌ‏}‏ ‏(‏92‏)‏

قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ‏:‏ «ذلِكَ مالٌ رَابِحٌ»‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدَّثني يَحْيَى بن يَحْيى‏)‏ قال القَسْطلاَّني‏:‏ هو النَّيْسابوري‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ‏}‏ ‏(‏93‏)‏

نزلت في واقعةِ زِنا يهوديَ، ولَعلَّها في السَّنة الرابعة‏.‏ ثُم قيل‏:‏ إنَّ الذين جاءوه كانوا يهودَ فَدَك‏.‏ وقيل‏:‏ يهود خَيْبر، تشاوَرُوا فيما بينهم أَنْ يرفعوا أَمْرَه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم لِما كانوا يَرَوْن أَنَّ في دِينه اليُسْر، وكان ذلك مِن حَمقِهم، حيث أرادوا أن يسترخِصُوا برُخَص الدِّين، قبل أن يدخلُوا فيه، ولم يعلموا أنه يتولَّى قاره، مَنْ يتولَّى حاره‏.‏

4556- قوله‏:‏ ‏(‏فرأَيْتُ صاحِبَها يَجْنأُ عَلَيْها‏)‏ وغَرَضُ الراوي التنبيهُ على إصابةِ رأي النبيِّ صلى الله عليه وسلّم في حَقِّهم، فإِنَّ وقايَته لها عن الحجارة، وحنوه عليها، يدلُّ على صحة أَمْرِ الزِّنا‏.‏ ثُم إنَّ في الحديثِ معركةً للقوم، وهي أنَّ الإِسلام شرط عند إمامِنا، فكيف رَجَم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم اليهوديَّ واليهوديةَ، مع كونِهما كافرَين‏؟‏ وذهب الشافعيُّ إلى أنَّ الكافر أيضاً يُرْجم، وفيه تفصيلُ عند المالكية؛ وبالجملة الحديثُ وارِدٌ على الحنفية‏.‏

ثُم إنَّ ابن أبي شَيْبَة أفرد كتاباً سَمَّاه «كتاب الردّ على أبي حنيفة» وعدَّد فيه مسائلَ الحنفيةِ التي تُناقِضُ الأحاديثَ عنده، وبلغ عددُها زهاءَ مئة وأربعة، وبدأ كتابه بهذا الحديث‏.‏ والعجب أنه لم يَعُدَّ فيه مسألةَ الجهر بآمين، والإِخفاء، وتَرْك الرَّفْع، ولا مسألةَ تَرْك الفاتحةِ خَلفَ الإِمام‏.‏ وقد أجاب العلامةُ القاسم بنُ قُطْلُوبغا عن كتابه، ولكنه مفقود، لا يوجد ثُمَّ إنَّ الطحاوي أجاب عن حديثِ الباب، وأصاب‏.‏ وحاصله أنَّ شَرْط الإِحصان في شَرْعنا نَزَل بعد هذه القضيةِ، فالقضايا التي كانت قَبْلها لا ترد عليها، وكان رَجْمُه إذ ذاك بِحُكْم التوراة‏.‏ ولم يكن فيه شَرْطُ الإِحصان‏.‏

قلتُ‏:‏ ويُعلم من «فتح الباري» أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان يعملُ بشريعةِ التوراةِ، فيما لم ينزل فيه شَرْعُه قَبْل الفَتْح، ثُم خالف بعده‏.‏ وإنما أخذت هذا التاريخ من «فتح الباري»، وإلاَّ فأَصْل الحديث موجودٌ في البخاري أيضاً‏.‏ ثُم هل يسمَّى ذلك عَملاً بالشريعة الموسوية، أَم عملاً بشريعتِه‏؟‏ فهذان اعتباران‏.‏ فإن قلت‏:‏ إنَّه إذا عَمِل به فقد صارت شريعتُه أيضاً، فيكون عَملاً بشريعةِ نفسه، وإن اعتبرت أنَّ شَرْعه لما لم ينزل فيه بعد، وإنما عَمِل بالشريعةِ الموسوية، يقال‏:‏ إنَّه عَمِل بشريعتهم، ولا حَجْر في كلا الاعتبارين، والأَمْرُ فيه سَهْلٌ‏.‏

‏(‏هل يُحْكم بشريعة الإسلام على الكفّار إِذا ترافعوا إِلينا‏؟‏‏)‏

واعلم أنَّ القرآن قد هَدي في تلك الآياتِ إلى أَمْرٍ هامّ، كادَت نَفْس النبيِّ أنْ تتردَّد فيه، وهو أنَّ الكفَّار إنْ ترافعوا إليه في أمْر، فماذا ينبغي له أنْ يفعل‏؟‏ إما أن يَحْكم بشريعته، فهم لا يلتزمُونَها، أو يُعْرِض عنهم، ولا يَحْكُم بشيءٍ، فذلك أيضاً غيرُ مناسِبٍ، وإمَّا أن يَحْكُم بِشَرْعهم، فهو أيضاً مَحَلُّ تردُّد، فعلَّمه القرآنُ أَنَّك بين خِيرَتَيْن‏:‏ إنْ شِئت أنْ تُعْرض عنهم فأَعْرض، وإنْ أردت أن تَحْكُم بينهم فاحكم بما عندك، فإِن عَمِلوا به فبها، وإلاَّ فالإِثْمُ عليهم‏.‏

ولنا أنْ نقولَ‏:‏ إنَّ في إلزامِ شَرْعهم عليهم، وإغرائهم على العملِ به، إجراءَ شَرْعٍ سماويَ، وهو أَوْلى مِن إفناء حَقَ وإعدامه‏.‏ ولذا لما جاءوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم ألزمهم بالتوراةِ، فاضطروا إلى العَمَلِ به، ولا رَيْب في أنه أَوْلى من أن لا يعملوا بِشَرْعهم، ولا بِشَرْعه صلى الله عليه وسلّم فإِنَّ شَرْعهم أيضاً حقٌّ في الجملة، وإنْ نُسِخه بعد نزول شَرْعنا‏.‏ وهذا إنْ سلَّمناه أنَّ القضية بعد نُزول شَرْعنا، وإلاَّ فالأَمْر أَظْهر‏.‏ ولذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بعد الرجم‏:‏ إنِّي أَحْييت حُكْماً من الشريعة الموسوية، على أنَّ اليهودِيَّيْن كانا مُحْصَنَينِ بِحُكْم التوراةِ، فإِنَّهما لو كانا غَيْرَ مُحْصنَين لكانا باعتبار شَرْعِنا، ولكنهما لم يكونا لَيُقرّا بعدمِ إحصانهما من أَجْلِ شريعتنا، فإِذا ثبت إحصانُهما عند شَرْعِهما حلَّت بهما عقوبةُ الرجم‏.‏

وههنا وَجْهٌ آخَر أيضاً، وهو أَنَّه ناسب تنفيذ الرَّجْم لانعقادِ صورةِ المناظرة بينه صلى الله عليه وسلّم وبينهم، فإِنَّهم كانوا يُنْكِرُون كَوْنَ الرَّجْم شريعتَهم، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَدَّعِيه، كالإِخبار بالغيبِ، فلما خرج في التوراة كما كان أخبر به، ناسب إجراؤه أيضاً، وإذن لا يكون رَجْمُه من باب تنفيذِ الحُكْم عليهم، بما في كتابهم، ولا من باب الحُكْم عليهم بِشَرْعه، بل يكون ذلك لداعيةِ المقام، فيقتصر على مَوْرِده، وإنْ شِئت جَمعت هذه الأعذارَ كلَّها، ولذا ذَكَرْت هذه الأُمورَ، لِتعلم أنَّ المقام قد احتفَّ بعوارِضَ شَتَّى، ولم يبق مُنْكَشِف الحال، فحينئذٍ جاز لنا التفصِّي عنه بِنَحْوٍ من المقال‏.‏

بقي إقامةُ البرهانِ على اشتراط الإِسلام في الإِحصان، فنقولُ‏:‏ إنَّهُ رُوي عن عبد الله بن عمر‏:‏ مَنْ أشرك بالله، فليس بِمُحْصَن‏.‏ ورجالُه ثِقاتٌ، وإسنادُه قويٌّ، إلاَّ أنَّ الحافِظ مال إلى وَقْفه، وتصدَّى الحاكمُ إلى إثبَاتِ رَفْعه‏.‏

قلتُ‏:‏ والذي يَحْكُم به الوجدانُ أنه مَوْقُوفٌ، لأنَّ مَذْهب ابنِ عمرَ عدمُ جواز المناكحةِ مع أهل الكتاب، على خلاف الجمهور، وقال‏:‏ إنَّهم مُشْركون، وأيُّ شِرْك أعظمُ مِن ادِّعائهم أبناءَ للَّهِ تعالى‏.‏ فكأَنَّ أهلَ الكتاب الذين يعتقدون بالبنوةِ وغيرِها كفارٌّ عنده، وليس أولئك مِن أهلِ الكتاب الذين أباح لنا القرآنُ مناكحتَهُم، لأنَّه شَرَط فيهم الإِحصانَ، وهؤلاء مُشْركون، لا يوجد فيهم شَرْطُ الإِحصان، وإذا انتفى الشَّرْط، انتقى المَشْروط‏.‏ فلما عَلِمت من مذهبه ذلك، ظَنَنْت أنه لا يَبْعُد أن يكون‏:‏ مَنْ أَشْرك بالله فليس بِمُحْصن، موقوفاً عليه‏.‏

ولنا ما أخرجه الشيخُ علاء الدين في «الجَوْهر النَّقي»‏:‏ أنَّ عمرو بنَ العاص أراد أن يتزوَّج كتابيةً، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «تزوَّجْها، ولكنها لا تُحْصِنك»‏.‏ وإسنادُه حسن، وفيه عبدُ الباقي بن قَانِع من الحُفَّاظ، شيخٌ للدارقطني، والحاكم، وله «مسند»، و«تاريخ» فقوله‏:‏ «إنَّها لا تُحْصِنُك»، إنما يَصِح إذا لم تكن مُحْصَنة هي بِنَفْسها، لاشْتراط إحصانِ الزَّوجين في الرَّجم‏.‏ وقد مرَّ معنا أنه لا بدَّ من النظر في معنى الإِحصان، فقد أَخَذه القرآنُ أيضاً، ولكنَّ الفقهاء جَزَّءوه، فجعلوا في الرَّجم غيرَ ما اعتبروه في القَذْف‏.‏ فلينظر فيه أنه هل للفقهاءِ حقُّ في تجزئةِ لَفْظ القرآنِ، وقد وضع له السَّرخْسي فَصْلاً مُستقلاًّ في «المبسوط» فليراجع‏.‏

ثم إنَّ هذه الآياتِ في باب الرجم، ولكنَّ القرآنَ لم يصرِّح به فيه، وكذا لم يُصرَّح به في سورةِ النُّور‏.‏ وقد نَقَل الرَّازي عن الخوارج أنهم يُنْكرون الرَّجْم، ويتشبَّثُون بأنَّ القرآن لم يَذْكره في مَوْضعِ، فتفاقم الأَمْرُ، لأنه لا ينبغي للقرآنِ أن يكون تعبيرُه بحيث تَتغيَّرُ المسألةُ من عمومه، وإطلاقه، فإِنَّه كتابُ لا يزيغ به إلاَّ هؤلاء، فيختار من التعبيرات أعلاها، بحيث لا يَبْقَى فيها للجانِب المخالِف مَساغٌ، وحينئذ لا بدَّ لِتَرْكه التصريحَ بالرَّجْم من نُكتةٍ‏.‏

فاعلم أنَّ نَظْم القرآنِ إذا كان يُفْهم أنَّ تلك الآيةَ نزلت في قضيةِ كذا، ثُم لم تكن تل القضيةُ مذكورةً فيها، فالذي تَحْكُم به شريعةُ الإِنصاف أنْ يكون هذا الحديثُ الذي فيه تلك القِصَّةُ في حُكْم القرآنِ، لأنَّ القرآنَ بَنَى نَظْمَه عليه، وأشار من عبارتِه إليه، فلا بدَّ من اعتباره، وحينئذٍ لا حاجةَ إلى تصريحه بالرَّجْمِ، إذ كَفَى عنه الحديثُ، فأَغْنَى عن ذكره، وسيجيء في «أبواب الحدود» بعض كلام‏.‏

ثُم اعلم أنَّ الله تعالى ذَكَر في «المائدة» في تلك القِصَّةَ بَعْضَ أوصافهم، لا بأس أن نتعرَّض إليها شيئاً، فقال‏:‏ ‏{‏يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوضِعِهِ‏}‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 41‏)‏، والمرادُ منه التبديلُ في المراد، مع إبقاء الكلماتِ على حالها، وهذا بعينِه يركبه لعين القاديان، فيقول‏:‏ نُؤمن بلفظِ خاتَم النبيِّين، ثُم الوَقِح يدَّعِي النبوة بتغييرِ مرادِه، وتحريف الكَلِم من بَعْد مواضعه‏.‏ ثُم قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ‏}‏ ‏(‏المائدة‏:‏ 41‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، يعني أنَّ حُكْم هذا الرسولِ إنْ كان حَسَب ما تريدُون، فَخُذُوه؛ فأشار إلى الواقعةِ في الخارج، وإنْ لم يَبْسُطها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏سَمَّعُونَ لِلْكَذِبِ‏}‏‏)‏ استئناف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏أَكَّلُونَ لِلسُّحْتِ‏}‏‏)‏ أي يأكلون الرَّشْوة في الحُكْم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏فَإِن جَآءوكَ‏}‏‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، وكان هذا مَوْضِعَ تردُّدٍ للنبيِّ صلى الله عليه وسلّم فهذاه القرآنُ إلى أمرين‏:‏ أَيّهما شاء فَعَل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالاْحْبَارُ‏}‏‏)‏ وراجع الفَرْق بينهما في «مقدمة ابن خلدون»‏.‏ ومُحصَّل الآياتِ والأحاديثِ عندي أنّ اليهودَ يُعَاقبون على أَمْرَين‏:‏ على تَرْكِهم ما في التوراةِ، وتَرْكِهم الإِيمانَ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلّم كِلَيْهما‏.‏

تنبيه‏:‏

واعلم أن ههنا قِصّتين‏:‏ قِصَّة الرَّجم، وقِصَّة أَخْذ القِصَاص من الوَضِيع دون الشريف‏.‏ واختلطت على بَعْضِ المفسرين، فنقل بعضُهم قِصَّة القِصاص تحت القِصَّة الأُولى، وهذا غَلَطٌ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ‏}‏ ‏(‏110‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ‏}‏ ‏(‏122‏)‏

فهذه الأُمة تُكْرِه الناسَ على الإِسلام، ومعنى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا إِكْرَاهَ فِى الدّينِ‏}‏ ‏(‏البقرة‏:‏ 256‏)‏ أن الدِّينَ خَيْرٌ مَحْ، والإكرَاه فيه بمنزلةِ عدم الإِكراه، فلا تَخَالُفَ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ مِنَ الاْمْرِ شَىْء‏}‏ ‏(‏128‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِى أُخْرَاكُمْ‏}‏ ‏(‏153‏)‏

وَهُوَ تَأُنِيثُ آخِرِكُمْ‏.‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ‏}‏ ‏(‏التوبة‏:‏ 52‏)‏ فَتْحاً أَوَ شَهَادَةً‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏أَمَنَةً نُّعَاساً‏}‏ ‏(‏154‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَبَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَوْاْ أَجْرٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏(‏172‏)‏

القَرْحُ‏:‏ الجِرَاحُ، اسْتَجَابُوا‏:‏ أَجابُوا، يَسْتجِيبُ‏:‏ يُجِيبُ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ‏}‏ الآيَةَ ‏(‏173‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلاَ يَحْسبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ و مِيرَاثُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وا بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ‏}‏ ‏(‏180‏)‏

سَيُطَوَّقُونَ‏:‏ كَقَوْلِكَ طَوَّقْتُهُ بِطَوْقٍ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَبَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً‏}‏ ‏(‏186‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ‏}‏ ‏(‏188‏)‏

وفي الحديث تَصْريحٌ بِكَوْنِ القُنوتِ في صلاةٍ جَهْرية‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّ في خَلقِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ واخْتلافِ اللَّيْلِ والنَّهَارِلآياتٍ لأُولي الأَلْبَابِ‏}‏ ‏(‏190‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْوَيَتَفَكَّرُونَ في خَلقِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ‏}‏ ‏(‏191‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّلِمِينَ مِنْ أَنْصَرٍ لله‏}‏ ‏(‏192‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى لِلإِيمَنِ‏}‏ ‏(‏193‏)‏ الآيَة

4569- قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏فلما كانَ ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِرُ قَعَدَ‏}‏‏)‏ والصواب كما في طريق مَخْرَمة بن سُلَيمان عن كُرَيْب، أنه قام إذا انتصف اللَّيلُ، أو قَبْله بقليل، أو بعدَه بقليلِ، ولا يقول فيه‏:‏ الثُّلُث، إلاَّ شَرِيك بن عبد الله بن أبي نَمِر عن كُرَيب، وهو مُتَّهمٌ بِسُوء الحِفْظ‏.‏

سورة النساء

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏يَسْتَنكِفَ‏}‏ ‏(‏172‏)‏‏:‏ يَسْتَكْبِرُ‏.‏ قِوَاماً‏:‏ قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ‏.‏ ‏{‏لَهُنَّ سَبِيلاً‏}‏ ‏(‏15‏)‏ يَعْنِي الرَّجْمَ للِثَّيِّبِ، وَالجَلدَ لِلبِكْرِ‏.‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ ‏{‏مَثْنَى وَثُلَثَ‏}‏ ‏(‏3‏)‏ يَعْنِي اثْنَتَينِ وَثَلاَثاً وَأَرْبَعاً، وَلاَ تُجَاوِزُ العَرَبُ رُباعَ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏مَثْنَى وَثُلَثَ وَرُبَاعَ‏}‏ يعني اثنتين وثلاثاً وأَربعاً، ولا تجاوز العربُ رُباعَ‏)‏ قد عَرَفْتَ في البقرةِ أنَّ المصنِّف يقولُ مِثل هذا الكلامِ، ويُتوهم منه أنه يريدُ بيانَ الخلاف في المسألة، مع أنَّ قوله هذا لا يكونُ في المسألةِ المذكورةِ، بل يُذْكر منه مسألةٌ جديدةٌ لا تتعلَّقُ بما قَبْلَها‏.‏ فهذا من طريقِه ودَأبه، تعلَّمه من أبي عبيدةَ‏.‏ ثُم إنَّ الشَّوْكاني جَوَّز المناكحةَ إلى تِسْع نُسْوة تَمسُّكاً بهذه الآية‏.‏ فإِنَّ المَثْنَى والثَّلاث خمسةٌ، والرُّباع معها تِسْعةٌ، فهذا غَلَطٌ فاحِشٌ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِنْ خِفتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى‏}‏ ‏(‏3‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْولَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً‏}‏ ‏(‏6‏)‏

‏{‏وَبِدَاراً‏}‏ ‏(‏6‏)‏ مُبَادَرَةً‏.‏ ‏{‏أَعْتَدْنَا‏}‏ ‏(‏18‏)‏‏:‏ أَعْدَدْنَا، أَفعَلنَا مِنَ العَتَادِ‏.‏

واعلم أنَّ عائشةَ فَسَّرت قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ‏}‏ ‏(‏النساء‏:‏ 127‏)‏ بِحَذْف الصِّلة، أي ترغبون عن أنْ تَنْكِحُوهن، وللنُّحاة تَحْثٌ في أنه هل يجوزُ حَذْف حَرْف يكون مُغيِّراً للمعنى أَم لا‏؟‏‏.‏

4573- قوله‏:‏ ‏(‏كانَتْ شَريكَتَه‏)‏ يعني أنه كان بين الرَّجُل، وبين مولاتِه شَرِكةٌ أيضاً‏.‏

4574- قوله‏:‏ ‏(‏بغَيْر أن يُقْسط في صَدَاقِها‏)‏ أي بأٌّح لا يُعْطِيها مَهْرَها الذي هو مهرُها‏.‏

4574- قوله‏:‏ ‏(‏فأمِرُوا أن يَنْكِحوا ما طابَ لهم‏)‏ أي من النِّساء، التي سوى مَوْلاتِه، فقيَّدَت عائشةُ بذلك القَيْد‏.‏

4574- قوله‏:‏ ‏(‏فَنُهوا- أن يَنْكِحُوا- عَنْ مَنْ رَغِبُوا‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، وحرف «عن» ههنا غَلَطٌ، والصواب‏:‏ أَنْ ينكحوا مَنْ رَغِبوا‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَمَى وَالْمَسَكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مّنْهُ‏}‏ ‏(‏8‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَدِكُمْ‏}‏ ‏(‏11‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوجُكُمْ‏}‏ ‏(‏12‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النّسَآء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءاتَيْتُمُوهُنَّ‏}‏ ‏(‏19‏)‏ الآيَة

وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ‏}‏ ‏(‏19‏)‏ لاَ تَقْهَرُوهُنَّ‏.‏ ‏{‏حُوباً‏}‏ ‏(‏2‏)‏ إِثْماً‏.‏ ‏{‏تَعُولُواْ‏}‏ ‏(‏3‏)‏ تَمِيلُوا‏.‏ ‏{‏نِحْلَةً‏}‏ ‏(‏4‏)‏ النِّحْلَة المَهْرُ‏.‏

4576- قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ هي مُحْكَمةٌ‏)‏ أي المسألة، كما في الآية، ولكنَّ الناسَ تَرَكُوا العملَ بها‏.‏

4580- قوله‏:‏ ‏(‏‏{‏والذين عَاقدَت أيمانُكُ‏}‏‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ لم يَدْخُل ابنُ عباس في تفسيره بعد، ولكنه تلا الآيةَ، ثُم شرع في بيانِ القصة ما كانت‏؟‏ فَذَكَر أن الأنصارَ كانوا يُعْطون إرْثَهم للمهاجرِين عند مَقْدَمهم من مكةَ للمُؤاخاةِ، فلما نزلت‏:‏ ‏{‏وَلِكُلٍ جَعَلْنَا مَوَالِىَ‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، نُسِخت المؤاخاةِ‏.‏ وأما ما بقي تحت قوله‏:‏ ‏{‏والذين عَاقَدَت أيمانُكم‏}‏ فهو باقٍ إلى الآن أيضاً لم يُنْسخ منه شيءٌ، إلاَّ أنَّ الناس تَركوا العملَ بها‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلِكُلٍ جَعَلْنَا مَوَالِىَ مِمَّا تَرَكَ الْولِدنِ وَالاْقْرَبُونَ‏}‏ ‏(‏33‏)‏ الآيَة

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ‏}‏ ‏(‏40‏)‏

يَعْنِي زِنَةَ ذَرَّةٍ‏.‏

4581- قوله‏:‏ ‏(‏تُضَارُّون‏)‏ قرأ من الضرر، والضَّيْر، أي الظُّلم، والمرادُ منه الزحمةُ، ومن الغرائب ما نقله الحافظ في «الفتح» أنَّ شيطانَ عيسى عليه الصلاة والسلام يَمْثُل لهم في المَحْشر، ويدخلُ معهم في النَّار، وإسنادُه قويُّ، ولا أَدْري ما المرادُ من شيطانِ عيسى عليه الصلاة والسلام، هل هو القرينُ أم أهواؤهم تتمثل شيطاناً‏؟‏ وقد سأَلني بعضُ النَّاس أنه هل يجوزُ عندك إلقاءُ شَبَهِ عيسى عليه الصلاة والسلام على غَيْرِه‏؟‏ قلتُ‏:‏ ليس فيه عندي نَقْل إلاَّ عن بني إسرائيل، ولما حُجِر على الشقي التمثُّل به، فجاز أن يُحْجر إلقاءُ شَبَهِه على غيرهم أيضاً‏.‏ وأما تفسيرُ الآيةِ‏:‏ ‏{‏وَلَكِن شُبّهَ لَهُمْ‏}‏ فقد ذكرت مُرادَها، بما يغني عن التَّكرار، فراجع التفصيل في رسالتي «عقيدة الإِسلام»، وحاشيتها «تحية الإِسلام»‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أتاهم ربُّ العالمين في أَدْنَى صُورة‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ قد مرَّ معنا في أَوَّل الكتاب أنَّ الرُّؤية في المَحْشَر تكون للتجلياتِ دون رؤيةِ الذات، ورؤيةُ التجلياتِ أيضاً تُسمَّى برؤية الذات‏.‏ فإِنَّك ترى زيداً في لباس، ثُم تقولُ إنَّك رأيتَ زيداً، ولا تقولُ إنك رأيتَ ثَوْب زيد، فإِنَّ رُؤية كلِّ أحدِ بِحَسَبه، فكذلك الرؤيةُ في اللَّهِ تعالى، عبارةٌ عن رؤيةِ تجلياتِه عند الشيخ الأكبر، فالصورةُ عندي نحو تجلَ، وفَسَّرها الناسُ بالصِّفة؛ قلتُ‏:‏ كَلاَّ، لأنَّ تغيرَها موجودٌ في نصِّ الحديث، أن الله تعالى يأتيهم ثانياً في صورةٍ يَعْرِفُونها‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ، فلو كان المرادُ من الصورةِ الصِّفَةَ يلزم التَّغَيُّرُ في الصِّفَة، وهو مُحال، فالمراد هو التجلّي، وسنذكرُ بَحْثَ التجلّي في آخِر الكتاب إن شاء الله تعالى، وقد مَرَّ شيئاً أيضاً، فيقول‏:‏ أنا رَبُّكم، فيه تقديمٌ وتأخير‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلآء شَهِيداً‏}‏ ‏(‏41‏)‏

المُخْتَالُ وَالخَتَّالُ وَاحِدٌ‏.‏ ‏{‏نَّطْمِسَ وُجُوهاً‏}‏ ‏(‏47‏)‏‏:‏ نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ، طَمَسَ الكِتَابَ مَحَاهُ، ‏{‏سَعِيراً‏}‏ ‏(‏55‏)‏‏:‏ وُقُوداً‏.‏

4582- قوله‏:‏ ‏(‏فإِذا عَيْنَاه تَذْرِفَان‏)‏ وَجْه البكاء أنه قال‏:‏ رَبِّ كيف أشهد على مَنْ لم أشاهده كذا في «الفتح»‏.‏ ثم أخرج الحافِظ أحاديثَ عَرْض الأعمال، فَيَحْصُل العِلْمُ إجمالاً‏.‏

1010- باب ‏{‏وَإِنْ كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآء أَحَدٌ مّنْكُمْ مّن الْغَآئِطِ‏}‏ ‏(‏43‏)‏

‏{‏صَعِيداً‏}‏ ‏(‏43‏)‏ وَجْهَ الأَرْضِ‏.‏

وَقالَ جابِرٌ‏:‏ كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمَونَ إِلَيْهَا‏:‏ في جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ، وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ، وَفِي كُلِّ حَيّ وَاحِدٌ، كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ‏.‏

وَقالَ عُمَرُ‏:‏ الْجِبْتُ السِّحْرُ، وَالطَّاغُوتُ الشَّيْطَانُ‏.‏

وَقالَ عِكْرِمَةُ‏:‏ الْجِبِتُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ شَيْطَانٌ، وَالطَّاغُوتُ الْكاهِنُ‏.‏

وقد تكلَّمنا عليه في التيمم، وأنَّ آيةَ المائدةِ نزلت أولاً عند البخاري، وآيةَ النِّساء عند ابن كثير‏.‏ ثُم إنَّ الحديثَ الذي أخرجه المصنِّفُ مناسِبٌ للمائدةِ، إلا أنه أخرجه في النِّساء نَظراً إلى اتحادِ المسألةِ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ‏}‏ ‏(‏65‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مّنَ النَّبِيّينَ‏}‏ ‏(‏69‏)‏

وفَسَّره العلماءُ بِتَفْسيرَيْن‏.‏ فالبيضاويُّ فَسَّره بالحُكَّام‏.‏ وبَعْضُهم فَسَّره بالعلماء، ولهم على ذلك أَثَرٌ عن ابن مسعود‏.‏ قال البَيْضَاويُّ‏:‏ إنَّ العلماءَ ليسوا بِقِسْمٍ مُستقلّ، لكونِهم ناقلين فقط، فهؤلاء قد دخلوا في قوله‏:‏ ‏{‏أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ‏}‏ نعم الحُكَّام قِسْمٌ مُستقلّ، فالتفسيرُ بهم أَوْلى‏.‏ وعندي العلماءُ أيضاً مِن أُولي الأَمْر‏.‏ وقد أَطال الرَّازي الكلامَ في تفسيره، واستنبط منه الأُصولَ الأربعةَ، أما كتابُ الله والسُّنة فظاهِرٌ، وأما الإِجماع فداخل في قوله‏:‏ ‏{‏وَأُوْلِى الاْمْرِ مِنْكُمْ‏}‏، وأما القياس ففي قوله‏:‏ ‏{‏فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ‏}‏ وقد أصاب الرَّازي في ذلك‏.‏ ومنهم مَنْ أَنْكر كَوْنَ العلماء أُولي الأَمْرِ‏.‏

قلتُ‏:‏ كيف وقد أُطْلق عليهم في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ‏}‏وَإِلَى أُوْلِى الاْمْرِ مِنْهُمْلَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ فالعلماءُ أيضاً مِن أولي الأَمْر، وقد مر معناه أنَّ بَعْضَ المباحات قد تصيرُ واجباتٍ بأَمْر الحُكَّام، لكونهم من أُولي الأَمْر، وقد أمرنا بإِطاعتهم أيضاً، إلا أنَّ وجوبَها يَقْتَصِر على زمن وِلايتهم‏.‏

باب‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ ‏{‏وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجَالِ وَالنّسَآء‏}‏ الآية ‏(‏75‏)‏

وَقالَ غَيرُهُ‏:‏ المُرَاغَمُ المُهَاجَرُ، رَاغمْتُ‏:‏ هَاجَرْتُ قَوْمِي، ‏{‏مَوْقُوتاً‏}‏ ‏(‏103‏)‏ مُوَقَّتاً وَقَّتَهُ عَلَيهِمْ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَفِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُواْ‏}‏ ‏(‏88‏)‏

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ بَدَّدَهُمْ، فِئَةٌ‏:‏ جَمَاعَةٌ‏.‏

والمُسْتَضْعف بحسب التصريف هم الذين ضَعَّفَهم الأعداءُ، فالمعنى‏:‏ ‏{‏وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَتِلُونَ‏}‏ في سبيل اللَّهِ، وفي سبيل المستضعفين، لِتُخَلِّصوهم من أيدي الكُفَّار‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِذَا جَآءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الاْمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ‏}‏

أيْ أَفشَوْهُ‏.‏ ‏{‏يَسْتَنْبِطُونَهُ‏}‏ ‏(‏83‏)‏ يَسْتَخْرِجُونَهُ‏.‏ ‏{‏حَسِيباً‏}‏ ‏(‏86‏)‏ كافِياً‏.‏ ‏{‏إِلاَّ إِنَثاً‏}‏ ‏(‏117‏)‏ يعني المَوَاتَ، حَجَراً أَوْ مَدَراً، وَما أَشْبَهَهُ ‏{‏مَّرِيداً‏}‏ ‏(‏117‏)‏ مُتَمَرِّداً، ‏{‏فَلَيُبَتّكُنَّ‏}‏ ‏(‏119‏)‏ بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ‏.‏ ‏{‏قِيلاً‏}‏ ‏(‏122‏)‏ وَقَوْلاً وَاحِدٌ‏.‏ ‏{‏طَبَعَ‏}‏ ‏(‏155‏)‏ خُتِمَ‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ‏}‏ ‏(‏93‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً‏}‏ ‏(‏94‏)‏

السِّلمُ وَالسَّلَمُ وَالسَّلاَمُ وَاحِدٌ‏.‏

ويُعْلم من «الأَدب المفرد» للبخاري أنَّ ابن عباس لا يقول بالخلودِ حقيقةً، ولكنه قال ما قال سَدّاً للذرائع‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏لاَّ يَسْتَوِى الْقَعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ وَالْمُجَهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ‏(‏95‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّهُمُ الْمَلَئِكَةُ ظَلِمِى أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى الاْرْضِ قَالْواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وسِعَةً فَتُهَجِرُواْ فِيهَا‏}‏الآيَةَ ‏(‏97‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجَالِ وَالنّسَآء وَالْوِلْدنِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً‏}‏ ‏(‏98‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ‏}‏ الآية ‏(‏99‏)‏

قال العلماءُ‏:‏ وإنَّما نزل قوله‏:‏ ‏{‏غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ‏}‏ لإِيضاح البيانِ، وإلاَّ فالقاعِدُ لا يُقال إلا لِمن قعد باختياره، وإنما يقال للمعذُور‏:‏ المُقْعد، دون القاعد‏.‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ‏}‏ ‏(‏102‏)‏

باب‏:‏ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النّسَآء قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَبِ فِى يَتَمَى النّسَآء‏}‏ ‏(‏127‏)‏

باب‏:‏ ‏{‏وَإِنِ امْرَأَةٌ خَفَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً‏}‏ ‏(‏128‏)‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏{‏شِقَاقٍ‏}‏ ‏(‏35‏)‏ تَفَاسُدٌ‏.‏ ‏{‏وَأُحْضِرَتِ الأنفُسُ الشُّحَّ‏}‏ ‏(‏128‏)‏ هَوَاهُ في الشَّيءِ يَحْرِصُ عَلَيهِ‏.‏ ‏{‏كَالْمُعَلَّقَةِ‏}‏ ‏(‏129‏)‏ لاَ هِيَ أَيِّمٌ، وَلاَ ذَاتُ زَوْجٍ‏.‏ ‏{‏نُشُوزاً‏}‏ بُغْضاً‏.‏

ولِمِثْل هذه الآيةِ اعتبر الشافعيُّ المَطَرَ، والمَرَض عُذْرَين في الجَمْع بين الصلاتَيْن، وغيرِه‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْمُنَفِقِينَ فِى الدَّرْكِ الاْسْفَلِ‏}‏ ‏(‏145‏)‏

وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ أَسْفَلَ النَّارِ، ‏{‏نَفَقاً‏}‏ ‏(‏الأنعام‏:‏ 35‏)‏ سَرَباً‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَى نُوحٍ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَيُونُسَ وَهَرُونَ وَسُلَيْمَنَ‏}‏ ‏(‏163‏)‏

4602- قوله‏:‏ ‏(‏لقد أُنْزِل النِّفَاق‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏ ليس تعريضاً إلى أَحَد‏.‏

4602- قوله‏:‏ ‏(‏كنَّا في حَلَقةِ عَبْدِ اللَّهِ‏)‏ نُقِل عن عليَ أنه قال‏:‏ لو عَلِمْتُ رَجُلاً أَعْلمَ بالكتاب مني لضربتُ إليه أكبادَ الإبل، ولكن لا أَعْلَمُه، اللهم إلاَّ أن يكون ابنَ أُمِّ عَبْد‏.‏

باب‏:‏ ‏{‏يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلَلَةِ إِن امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ‏}‏ ‏(‏176‏)‏

وَالكَلاَلَةُ‏:‏ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ‏.‏

الكَلالةُ في اللغة التعب تهك جانا، والمرادُ منه المُوَرِّث الذي ليس له وَارِثٌ من أصوله وفروعه، أو الوارِثُ الذي يكون على تلك الشاكلةِ، فلا يكونُ له غيرُ الحواشي‏.‏